أحل الله البيع للمسلمين وجعلها من طرق الرزق الحلال، قال الله -تعالى-:
... وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا... [سورة البقرة: آية 275]
ولكن الإسلام وضع الشروط والضوابط للبيع، لم يحل كل بيع، فثمة بيوع منهي عنها، مما يحفظ المسلمين من النزاعات والشرور. في هذا المقال بإذن الله ننقل لكم نبذة (بسيطة) غير متعمقة عن أركان البيع وشروطه في الفقه الإسلامي، وفي الجزء الثاني من المقال ننقل لكم بعض آداب وأوامر الإسلام بالنسبة للبيع، إذًا بسم الله نبدأ.
1. البيع لغةً:
هو مبادلة شيء بشيء، كمقابلة سلعة بسلعة، أو سلعة بمال.
2.أركان البيع:
قال الفقهاء: أركان البيع ثلاثة:
1 - العاقدان: وهما كلا البائع والمشتري.
2 - الصيغة: وهي كلا الإيجاب والقبول.
3 - المعقود عليه: وهو كلا السلعة والثمن.
أولا: العاقدان:
وهما البائع والمشتري، ومن شروط العاقد:
وهما البائع والمشتري، ومن شروط العاقد:
1) أن يكون راشدا مميزا (أي قادرا على فهم البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدرك مقاصد العقلاء من الكلام ويحسن الإجابة عنها)، لا مجنونا أو صبيا غير مميز، لكن بعض الفقهاء أجازوا بيع وشراء الصبي غير المميز للأشياء اليسيرة.
أما الصبي المميز والمعتوه اللذان يعرفان البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدركان مقاصد العقلاء من الكلام ويحسنان الإجابة عنها، فإن بيعهما وشراءهما ينعقد ولكنه لا ينفذ إلا إذا كان بإذن من الولي في هذا الشيء الذي باعه واشتراه بخصوصه.
2) أن يكون العاقد مختارا لهذا البيع غير مجبر عليه، لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ... [النساء:29]
وقوله -صلى الله عليه وسلم-:
إنما البيع عن تراضٍ. رواه ابن حبان.
ثانيا: الصيغة:
وهو ما يدل على الإيجاب والقبول من الطرفين، سواء كان قولا أو كان بالمعاطاة.
قولا:كأن يقول البائع "بعتك داري بكذا" فيقول المشتري "قبلت"، أو أن يقول المشتري "أشتري الدار بكذا" فيقول البائع "قبلت".وقد يكون الإيجاب والقبول بالمعاطاة بدون القول، والمعاطاة هي الأخذ والإعطاء بدون كلام كأن يشتري شيئاً ثمنه معلوم له فأخذه من البائع ويعطيه الثمن وهو يملك بالقبض.
ثالثا: المعقود عليه:
وهو كلا السلعة والثمن، ويشترط:1) أن يكون طاهرا وحلالا، فلا يصح أن يكون النجس مبيعاً ولا ثمناً. لكن بعض الفقهاء قالوا:
يجوز بيع الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الأكل، كما يجوز بيع العذرة المخلوطة بالتراب والانتفاع بها. وبيع الزبل وإن كان نجس العين، وإنما الذي يمنعونه بيع الميتة وجلدها قبل الدبغ، وبيع الخنزير، وبيع الخمر ويقولون: من الميتة والخمر والخنزير إذا جعلت ثمناً لا يبطل البيع، وإنما ينعقد فاسداً يملك بقبض المبيع، وعلى المشتري أن يدفع الثمن كما سيأتي.
2) وأيضا من شروطهما أن يكون مملوكا للبائع، فلا يصح مثلا أن يبيع سمكة في بركة لم يصطدها بعد، ولا يعلم إذا كان سيصطادها غيره، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً إلا في السلم، فإنه ينعقد بيع العين التي ستملك بعد كما يأتي.
3) وأن يكون المبيع معلوما، علما يمنع المنازعة، فبيع الجهالة التي تؤدي لمنازعة لا تصح، كأن يقول للمشتري: "اشتر شاة من قطيع الغنم التي أملكها" (المبيع غير معلوم)، فذلك بيع لا يصح.
وأن يكون الثمن معلوما، علما يمنع المنازعة، فبيع الجهالة التي تؤدي لمنازعة لا تصح، كأن يقول "اشتر مني هذا الشيء بقيمته أو اشتر مني هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به فلان" (الثمن غير معلوم)
وما إن يتفرق البائع والمشتري فقد وجب البيع ولزم، ولا يحق للبائع أو المشتري أن يتراجعا عن هذا البيع إلا عن تراضي الطرفين، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
" إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة." متفق عليهوبيع الملامسة والمنابذة من الحالات التي يكون فيها المبيع غير معلوم، كأن يكون المشتري في ظلمة ويقال له "أي ثوب تلمسه فهو لك بكذا" أو "خذ هذه الحصاة فارمها فأي ثوب تصيبه فهو لك بكذا"، فكل هذه من البيوع المنهي عنها.
وما إن يتفرق البائع والمشتري فقد وجب البيع ولزم، ولا يحق للبائع أو المشتري أن يتراجعا عن هذا البيع إلا عن تراضي الطرفين، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" متفق عليهفلهما الخيار بالتراجع ما لم يتفرقا جسديا وعرفيا، كأن يخرج المشتري من المكتب أو أن يبتعدا من بعضهما، فإن تفرقا لزم البيع.
3.الربا
المقال عن البيع، ولكن لا مانع أن أضع لفتة بسيطة عن الربا.
الربا من البيوع المنهي عنها نهيا مغلظا، قال -تعالى-
لكن تعريف الربا المحرم عند الفقهاء هو: زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض. التعريف معقد الفهم بعض الشيء، دعك منه، وافهم أقسام الربا.
والثاني: ربا الفضل، وتعريفه هو بيع المال الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين، فيبيع مثلا إردب قمح مقابل إردبين، أو يبيع درهما مقابل درهمين، أو جنيها مقابل جنيهين ...إلخ.
وقد حرم الله ربا النسيئة، ونهانا عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال:
الربا من البيوع المنهي عنها نهيا مغلظا، قال -تعالى-
... وَأَحَلَّ اللَّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا... [سورة البقرة: آية 275]وقال -تعالى-
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [سورة البقرة: آية 276]وروي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-
عن جابر - رضي الله عنه - قال: (لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: آكل الرّبا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه)، وقال: هم سواء. رواه مسلموغيرها من الآيات والنصوص التي تدل على غلظة تحريم الربا، ولا داعي لذكرها كلها.
الربا لغة:
هو الزيادة والعلو، ربما نقول "ربا الماء" أي زاد، حتى إن الرابية لغة هي كل ما ارتفع عن الأرض.لكن تعريف الربا المحرم عند الفقهاء هو: زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير أن يقابل هذه الزيادة عوض. التعريف معقد الفهم بعض الشيء، دعك منه، وافهم أقسام الربا.
أقسام الربا:
الأول: ربا النسيئة، وهو بيع تأخير القبض، أي أن البائع يزيد مثلا في سعر دينه مقابل تأخير الدفع، كأن يشتري إردبا من القمح في الشتاء، يدفعها المشتري إردبا ونصف في الصيف، فنصف الإردب الذي زيد على السعر ليس له مقابل مقابل إلا من أجل تأخير الدفع، واتفق الفقهاء على تحريمه. (لاحظ أن هذا مختلف عن بيع النسيئة الذي يرفع فيه ثمن السلعة مقابل التقسيط، فربا النسيئة يشتري به الشخص ذهبا بذهب أو فضة بفضة أو ملحا بملح وهكذا، أما في البيع فيشتري الشخص بفئة مختلفة عن السلعة).والثاني: ربا الفضل، وتعريفه هو بيع المال الربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين، فيبيع مثلا إردب قمح مقابل إردبين، أو يبيع درهما مقابل درهمين، أو جنيها مقابل جنيهين ...إلخ.
وقد حرم الله ربا النسيئة، ونهانا عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال:
"لا تبيعوا الذهب بالذهب، إلا مثلاً بمثل، ولا تَشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالورِق إلا مِثْلاً بِمِثْلٍ، ولا تَشفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز" رواه البخاريوروي أيضا:
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (لا تبيعوا الدّينار بالدّينارين، ولا الدّرهم بالدّرهمين) رواه مسلموبهذا فإن ربا الفضل متفق على تحريمه، وهذه فقرة مقتبسة من الكتاب الذي نقلت منه.
ربا الفضل وهو أن يبيع أحد الجنسين بمثله بدون تأخير في القبض فهو حرام في المذاهب الأربعة، ولكن بعض الصحابة أجازه، ومنهم سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، على أن بعضهم نقل أنه رجع عن رأيه أخيراً وقال بحرمته أيضاً.على أن ربا الفضل ليس له كبير الأثر في المعاملة لقلة وقوعه، لأن ليس من مقاصد الناس أن يشتري الواحد شيئاً بجنسه أو يبيعه إلا إذا كان في أحد الجنسين معنى زائد يريد كل واحد من المتعاقدين أن ينتفع به. وإنما حرم ذلك لما عساه أن يوجد من التحايل والتلبيس على بعض ضعاف العقول. (كتاب الفقه على المذاهب الأربعة)
_____________
وفي النهاية، أنوه أنني لست فقيها، وإنما نقلت عن كتاب "الفقه على المذاهب الأربعة"، وراعيت -قدر الإمكان- أن أكون مجرد ناقل ومفهم للكلام ولم أضف أي معلومة من عندي.
وأريد أيضا أن يعلم القارئ أن ما كتبته نبذة بسيطة عن الأركان، فثم المختلف عليه وثم المعقد فهمه، لكني رغبت كتابة المختصر المفيد الذي يفهمه عامة الناس، وقد تكون وجهة نظري في ذلك خاطئة.
اقرأ الجزء الثاني >>
اقرأ الجزء الثاني >>
التعليقات:
إرسال تعليق
هنا أنت الكاتب، قل ما تريد، كن مهذبا