الكَهْرَبَاءُ غنية عن التعريف، إنها تتدخل في كل شيء في حياتنا، لكن هل تساءلت ما طبيعة هذا الشيء وما ماهيته؟ هل تساءلت كيف لشيء واحد أن يشغل كل هذه الأشياء؟ كيف استطاع الإنسان توظيف الكهرباء بحيث تكون الأساس في إنارة المصباح، أو تحرك مروحة، أو برودة الثلاجة، أو سخونة المدفأة؟! كيف لشيء واحد أن يقوم بكل هذه الوظائف؟ لكي نعلم الإجابة دعونا أولا نعلم القليل عن تاريخ اكتشاف الكهرباء، ودعونا نكتشف طبيعة عملها، هنا سنرى الكهرباء في المهد.
1.ظاهرة التجاذب الإلكتروستاتيكي
قطعًا جربت هذا في طفولتك يوما. ألا تذكر عندما حككت المسطرة بقطعة قماش أو بشعرك ثم شاهدتها تجذب قصاصات الورق! صدق أو لا تصدق، ذلك كان الخطوة الأولى في اكتشاف الكهرباء.
قطعة كهرمان |
هذه الظاهرة كانت معروفة لقرون، لوحظت الظاهرة عند حك قطعة الكهرمان بقماش فيلاحظ جذبها لقطعة القماش أو حتى باقي الأشياء الطبيعية تماما، ويُدَّعى أنهم أيضا لاحظوا انطلاق شرارة كهربية من قطعة الكهرمان، لكن العلماء حينها لم يربطوا بين هذه الظاهرة وظواهر كهربية أخرى كالبرق أو الأسماك الكهربية ولم يظهر مصطلح الشِحْنَةِ الكَهَْرَبِيَّةِ حتى القرون الحديثة. ومن الكهرمان أعزائي جاءت تسمية الكهرباء (الكهرمان بالإغريقية: elekrton). أتى عالم الفيزياء وليام جيلبرت لدراسة هذه الظاهرة بتعمق أكثر قليلا.قام وليام باستخدام الكهرمان بالإضافة إلى بعض المعادن والصخور الأخرى لدراسة الظاهرة، فوجد أن الفلزات دائما تنجذب للكهرمان المشحون، كما أن الكهرمان يجذب الفرو أو الورق كما هو في السابق، لكن قطعتي كهرمان مشحونتين تتنافران مع بعضيهما!
من هنا اقترح وليام أن ثم نوعين من الخواص الكهربية، الأول هو النوع الموجب، والآخر هو النوع السالب (مجرد تسمية للخاصية الكهربية)، وأن القوة بين جسمين تكون تجاذبية عندما تكون بين جسمين مختلفين في الخاصية الكهربية، وتكون القوة تنافرية عندما تكون بين جسمين متشابهين في الخاصية الكهربية، وكان هذا أول ظهور لمصطلح الشِحْنَةِ الكَهْرَبِيَّةِ التي صارت فيما بعد تقاس كميتها بوحدة الكولوم.
علمنا فيما بعد أن كل الأجسام تتكون من نوعين من المادة، المادة المشحونة بالموجب (+) والأخرى المشحونة بالسالب (-)، وأن كميتي هاتين المادتين متساويتين في الأجسام الطبيعية، لذا تكون الشحنة المحصلة في النهاية هي صفر!
أما عند حك جسمين ببعضهما، فإنهما يتبادلان بشكل ما المادتين الموجبة والسالبة، فيتصبح أحد الأجسام بشحنة موجبة يصبح الجسم الآخر بشحنة سالبة، مما يجعلهما يتجاذبان مع بعضيهما، والصورة التالية توضح ذلك.
أما سبب تجاذب الأجسام المشحونة مع الأجسام غير المشحونة، فسببه استقطاب الجسم غير المشحون، مثلا إذا قربنا جسما سالب الشحنة كما في الصورة إلى جسم متعادل الشحنة( في هذه الصورة هو الحائط) فإن المادة الموجبة
ستتحرك نحو الجسم السالب (داخل الحائط)،
وتتحرك المادة السالبة تنافرا مع هذا الجسم إلى الناحية الأخرى، مما يجعل الحائط مشحونا من ناحيتيه، فمع أن الحائط غير مشحون، تم توزيع الشحنة الكهربية على جانبيه فصار أحد الجانبين موجبا، وصار الآخر سالبا، أما الحائط في الحقيقة فشحنته عموما صفر (عند جمع الشحنتين نحصل على محصلة قيمتها صفر)، فتتجاذب الناحية الموجبة القريبة من الجسم السالب (القريبة من البالون) مع البالون السالب، أما الناحية السالبة فتكون بعيدة وتأثيرها أقل. يسمى الجسم الذي محصلة شحنته صفر، لكنه مشحون على جانبيه بثُنَائِيِّ القُطْبِ الكَهْرَبِيِّ.
تسمى المواد القادرة على تحريك الشحنات الكهربية داخلها بالمَوَادِّ المُوَصِّلَةِ لِلْكَهْرَبَاءِ، وتسمى المواد غير القادرة على تحريك الشحنات داخلها بالمَوَادِّ العَازِلَةِ لِلْكَهْرَبَاءِ. الهواء عازل للكهرباء لذا فلا تنتقل الشحنة من البالون للأجسام المحيطة. مع أن بالون عازل للكهرباء فإنه يمكن شحنه كهربيا، كما يمكن للأجسام العازلة أن تتحول لثنائي القطب الكهربي على الرغم من عزلها للكهرباء، وذلك لأنها تستطيع توصيل الكهرباء بمقدار بسيط.
كان هذا مجرد نقطة في بحر مجال الشحنة الكهربية. للتعمق في مجال الشحنات الكهربية، أنصح بقراءة هذا الكتاب (باللغة الإنجليزية): هنا.
لقراءة الجزء الثاني من المقال:
لقراءة الجزء الثاني من المقال:
شكرا من القلب 💓💓
ردحذفأهلا وسهلا من القلب 💓
حذف