انظر جيدا في الصورة أعلاه، الصورة ليست معدلة أو فيها خدعة، بل إن العملة المعدنية بالفعل تطفو فوق سطح الماء! كيف ذلك؟ ألم ندرس في الابتدائية أن ما كثافته أعلى من كثافة الماء يغوص في الماء؟ لنوضح كيفية حدوث ما في الصورة فلنترك الكوب والماء والعملة المعدنية جانبا بعض الوقت، ودعونا نتحدث قليلا عما يسمى التَوَتُّرُ السَطْحِيُّ surface tension.

ولكن ما سر تلك الظاهرة؟ في الواقع إن جزيئات الماء تجذب بعضها بعضا بواسطة روابط تدعى الرَوَابِطُ الهَيَدْرُوجِينِيَّةُ Hydrogen bond. الروابط الهيدروجينية ليست موضوعنا ولا أنوي التحدث عنها هنا، لكن يمكن تشبيهها بقطع المغناطيس التي تجذب بعضها بعضا، فكذلك جزيئات الماء تجذب بعضها بعضا كجذب المغناطيس للحديد.

ولكن إذا نظرت إلى الصورة، فالأمر مختلف في حالة سطح الماء، فالجزيء لا يحاط من كل اتجاه بجزيئات الماء، فلا يوجد أي جزيء أعلاه، لذا فالقوة المحصلة يكون اتجاهها للأسفل، بسبب عدم وجود جزيء في الأعلى يلغي تأثير الجزيء السفلي ويجذب بنفس القوة، فتتأثر الجزيئات على السطح بقوة اتجاهها للداخل.
هذه القوة تجعل جزيئات على السطح تنضغط مع ما أسفلها من جزيئات فتتكثف وتتصلب بعض الشيء بسبب تقاربها من بعضها أكثر لانضغاطها للداخل، كيف لا وانضغاط الجزيئات وتقاربها يسبب صلابتها، كأوراق الكتاب تجده صلبا عند انضمام الصفحات إلى بعضها، مع أنه مكون من صفحات رقيقة هشة. بهذا يصير سطح الماء مثل كيس مرن يحيط بالماء.
أظن الآن أنك قد علمت سبب طفو العملة فوق الماء، إذا كانت قوى التماسك بين جزيئات الماء قوية بما يكفي لحمل عملة، فإن العملة ستطفو! يجب أن تكون العملة خفيفة بما يكفي ومساحة سطحها كبيرة،
ولكن إذا قام أحدهم بالضغط على العملة من الأعلى وإدخالها قليلا تحت سطح الماء، فالتوتر السطحي إذا ليس له تأثير لأنه لا يوجد إلا على سطح الماء، ويختفي في وسط الماء، حينها تواصل العملة الغرق حتى تصل لقاع الكوب.
التوتر السطحي يفسر الكثير من الظواهر التي نراها يوميا، حتى إن تكون قطرة الماء سببه التوتر السطحي، في الواقع تماسك القطرة سببه الرئيس هو أن الماء الذي على سطح القطرة يتضاغط وينجذب إلى اتجاه مركز القطرة، فيضغط على الماء الذي بداخل القطرة كالكيس، مما يجعلها متماسكة. أيضا من تطبيقاته ما نستعمله يوميا: إنه الصابون. إذا قمت بغسل يديك بالماء دون الصابون، فذلك أقل فاعلية لأن سطح الماء حينها متماسك وسينزلق على يدك كالورقة. الصابون يتكون من رأس تجذب الماء، وذيل طويل من ذرات الكربون الهيدروجين يتنافر مع الماء، لذا فإن إضافة الصابون إلى الماء يُربك تلك الروابط الهيدروجينية، مقللا من تأثير التوتر السطحي، فيتصرف الماء كالسائل ويكون أكثر كفاءة في الغسل.
بالطبع هذا مقال ملخص موجز عن التوتر السطحي، أما الأمر أعقد بكثير وثمَّ الكثير لقرائته في هذا الموضوع، فإن أردت التعمق وفقك الله.
المقال تحفاااااه عجبني جداااااا 💜💜
ردحذفوأنا أعجبني مرورك جدا 🙂 شكرا جزيلا
حذفالمقال مدهش || موفق ان شاء الله
ردحذفشكرا جزيلا، سررت بمرورك. أهلا وسهلا.
حذفشكرا جزيلا
ردحذفعلى الرحب، أهلا بك!
حذفشكرا لإيصال المعلومة بهذه السلاسه والبساطه
ردحذفوفقكم المولى لما يرضيه
تسلم
حذفراااااائع
ردحذفتسلم
حذف