تم تحديث المقال إلى أسلوب القصة بتاريخ 3 يوليو 2019
محمود متحمس أقصى تحمسه! فهو غدًا سيخطُب خطبة الجمعة لأول مرة.جاء الغد، فارتدى أحسن ثيابه وتعطر، ثم صعد على المنبر، وأخذ يتحدث عن التوبة، فألقى خطبة رائعة أحبها المستمعون.
وإذ بالخطبة قد انتهت، وأخذ يصلي، فإذ هو يقرأ سورة العاديات فقال:
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْـمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْـمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)توقف محمود بضع ثوانٍ، أدرك شيئًا عجيبًا، هو لا يفهم أي آية من تلك الآيات! تعجب من هذا وسكت قليلًا يفكر، حتى ظنه الناس خلفه قد نسي السورة فذكروه "إن الإنسان لربه لكنود" فانتبه ويقظ من غفلته وأكمل الصلاة.
وبعد انتهاء الصلاة، ذهب إلى شيخ يحبه، فقال له الشيخ: "أنسيت سورة العاديات يا محمود!"
-كلَّا ولله، بل إني شردت في التفكير قليلًا، اكتشفت أني لا أعلم معنى أي آية من الآيات الخمسة التي قلتها!"
="هااا.. فهمت، إذا تعال أشرح لك تلك الآيات كلمة كلمة."
جلست معه على أرض المسجد، ثم بدأ يقول:
="اسمع يا بني، قال الله تعالى:
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْـمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْـمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)="العاديات: جمع عادية أي راكضة، وهي اسم فاعل من الفعل (عدا): من الجري والركض، وهو غير العاديّ من الاعتياد. فالعاديْ هو الراكض، أما العاديُّ فهو المعتاد."
-"ومن هؤلاء الذين يركضون يا شيخي؟"
="إنها الخيل يا بني، إنها الخيل، الله يقسم بالخيل.
وضبحت الخيل ضبحا: أي صوتت أنفاسها عند عدوها، فالله يقسم بالخيل العاديات اللاتي يطلقن أصواتهن من سرعة عدوهن، الله يقسم بما يشاء من مخلوقاته، أما الإنسان فلا يقسم إلا بالله."
-"نعم قد علمت ذلك."
="والتقدير النحوي للآية: والعاديات يضبحن ضبحا (أي أن "ضبحا" مفعول مطلق لفعل محذوف)."
-"جميل! ماذا بعد؟"
="الموريات: اسم فاعل من (أورى)، وأورى النار: أي أشعلها.
وقدح النار من الزند قدحا: أشعل منها النار. فهن المخرجات النار بضرب حوافرهن في الأرض، ومن قوة أقدامهن يصنعن نارا. و"قدحا" نائب عن مفعول مطلق."
="والمغيرات: اسم فاعل من الفعل (أغار): بمعنى الهجوم. و(صبحا) ظرف زمان، فهن يهاجمن العدوَّ صبحا."
="نقع الشيء في الماء نقعا، أي تركه فيه، لكن النقع هنا بمعنى الغبار الساطع وجمعها نقاع ونقوع.
فهن يثرن بوادي الحرب (به) عند ركضهن غبارا ساطعًا."
="(فوسطن به جمعًا) أي أنهن يقتحمن ويتوسطن حشود الجيش وجموع الأعداء لشجاعتهن."
="أعد قراءة الآيات بعد أن فهمتها يا بني."
فأخذ محمود يقرأ:
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْـمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْـمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)
-"فعلًا أحسست باختلاف عندما قرأت الآيات وأنا أفهمها، ما أجمل أن أقرأ القرآن وأنا أفهمه! شكرًا لك يا سيدي، أنا ممتن لك كثيرًا!"
="على الرحب يا بنيَّ، تعال واسألني في أي وقت."
=============
لقراءة المزيد من التفسيرات شرفني بزيارة مدونتي الأخرى تفسيرات قصيرة.
جزاكم الله خيرا .. أنجد لديكم تفسيرات لسور أخرى؟
ردحذفآمين وإياكم.. أسعدني مرورك.
حذفسأحاول إضافة تفسيرات سور أخرى، نسأل الله التيسير، لكني طالب جامعي ولست متفرغا للمدونة.
جزاكم الله عنا خير الجزاء
ردحذف